بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
هل أنت متزوجة ؟
دخلت إليّ في مكتبي تمشي على استحياء قالت بتلطف زائد وتبسم رقيق : هل تسمحين يا عمري ؟
ثم أضافت بصوت خفيض : لو تتكرمين ... وما زالت تتجمل في الطلب حتى ظننت أنها ستطلب أحد أولادي , أخيرا قالت : أحتاج لاستخدام الهاتف لو أمكن , قلت : حبا وكرامة , دونك فتفضلي , أخذت الهاتف وبدأت بطلب الرقم وفي أثناء ذلك بدأت ابتسامتها تختفي وحلت محلها عقدة على الجبهة , ثم قالت بلهجة حادة وصوت مرتفع : ( وينك ؟)
:: (( كيف تحاورين زوجك؟؟؟؟ )) ::
ثم أضافت آمرة , ( هيا ) ولم تزد , وإثناء وضع السماعة , عادت ابتسامتها تزين محياها , وشكرتني بنفس التلطف الذي استأذنت به منذ برهة , وسلمت تريد الخروج , قلت : هل تأذنين لي بسؤال ؟
قالت : بكل سرور , دعوتها للجلوس , ثم قلت , يغلب على ظني أن الذي كلمتِه آنفا هو زوجك , قالت ضاحكة : نعم , قلت مداعبة : هل أنت غاضبة عليه إلى هذا الحد ؟
قالت باستغراب : لا أبدا , لماذا تظنين ذلك ؟
قلت : اسمحي لي أن أتدخل بأمر قد تعتبرينه من خصوصياتك , رحبت واستراحت في جلستها استعدادا للحوار , قلت : أولاً لم تسلمي عليه ,
ولم تسألي عن حاله ؟ وبدلا من ذلك بادرته بسؤال استنكاري وبلهجة حادة ,
وكنت في غاية التلطف معي قبل قليل , والحقيقة أنه إن كان هناك من يستحق هذا التلطف والتودد قبل غيره فهو الزوج ,
ضحكت كثيرا وقالت : لم أعتد على ذلك . تعودت أن أخاطبه هكذا وهو تعود أيضا على هذه الطريقة , ذلك أني لو دللته فسوف يطلب المزيد بل ربما كافأني بالجفاء !
قلت : ومن أين لك بأنه سيفعل ؟ هل جربت ؟
عادت تضحك , قالت : لا أدري كل ما في الأمر , أننا ما اعتدنا ملاطفة أزواجنا , قالت ذلك ونظرت إلى رفيقتها التي أيدتها بنظراتها , وأضافت الرفيقة : كما شاهدنا أمهاتنا , إنه أمر ورثناه كابرا عن كابر , وتضاحكت الفتاتان .
قلت : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ,
قالت : شيء من هذا القبيل ,
قلت : يا بنية , ما كان يسع أمهاتنا لم يعد يسعنا ,
لقد اختلف الزمان , كان الرجل يخرج من بيته صباحا ثم يروح إليه مساء لا تلمح عينه صورة امرأة ,
ولا تلتقط أذنه حديثها , فإذا عاد إلى بيته رضي بامرأته دون سائر النساء ,
لكن الرجل اليوم يرى النساء وهو في بيته , ويراهن في الأسواق ,
في القنوات الفضائية وعلى أغلفة المجلات والصحف وعبر الإنترنت ,
يراهن أشكالا وألوانا ,
ويسمع كيف يتعاملن مع أزواجهن ويتحدثن معهم ,
وكيف تطلب بعضهن ما تريد بكثير من الدلال والتلطف مما تعلمين وتشاهدين ,
وهو يقارن بينك وبينهن , ألا تخشين ألا تكون المقارنة في صالحك ؟
ألا تظنين أنه يتمنى لو كنت كإحداهن توددا وترفقا ؟
وأنت لا ينقصك مثل هذا الفن , فقد قدمت الدليل والبرهان على ذلك منذ قليل .
عدت أسألها : بماذا تظنين أن زوجك يفكر عندما يرى رقمك في هاتفه ؟
ضحكت وقالت سيفكر أنه تأخر في موعده ,
سألت : وماذا سيتوقع ؟
قالت : سيتوقع ما سمعتِ , قلت : وهل تظنين أن رؤية اسمك على شاشة جواله سوف تسره ؟
:: (( كيف تحاورين زوجك؟؟؟؟ )) ::
احتارت ولم تجب , قلت : اعذريني ,
ربما أكون قد أثقلت عليك ,
لكني سأسألك , كيف سيكون شعوره إذا رآى اسمك وهو يتوقع أن تبادريه بتحية لطيفة ثم سؤال ودود عن حاله وأخباره و ( عساك بخير يا عمري ) فماذا لو كلمته بمرح , وقلت مثلا : هل يستطيع ( زوجي الحبيب ) أن يأتي لأخذي الآن ؟
قالت : سيسعد بالتأكيد عندما يرى اسمي ,
قلت بعض الأزواج يحفظون أسماء أزواجهم بألقاب كريهة مثل : الحنّانة والنكدة والحكومة ,
وبعضهم يحفظونه مع صورة قلب أو وردة جميلة فمع أي الفريقين تفضلين أن تكوني ؟
سكتت لحظات ثم قالت : ولكنه قد تأخر علي , قلت : كم تأخر عشر دقائق ؟
خمس عشرة دقيقة ؟
ليس هذا هو المهم , لقد تأخر وانتهى الأمر , ربما يكون له عذر وأنت تلومين , تستطيعين القول : هل نسيني ( فلان ) وتخاطبيه بأحب الأسماء إليه , أو تخترعي له اسم دلال لا يناديه به غيرك ,
يمكن أن تقولي بتدلل : ألم تشتق إليّ ,
إن التعامل مع الزوج فن تكتسبين به قلبه ,
ومن جهة أخرى فهو مورد أجر كبير ألم يجعله الرسول صلى الله عليه وسلم يعدل الجمع والجماعات والجهاد في سبيل الله ؟
قالت : لو عاملته بهذا الدلال , سيظن بي الظنون ,
سيقول بأني حدث لي شيء ,
وربما لا تعجبه هذه الطريقة , قلت : بل ستعجبه ,
تدرجي باستعمالها وسيفرح بها وتنقلب عليك وعلى أسرتك سعادة وهناء ,
قالت : ولكنه لا يتعامل معي بهذه الطريقة التي تصفين , قلت : ربما يتعلم منك ,
وإذا سمع الكلام الطيب الذي يطربه فسوف يرد عليه بمثله أو بأحسن منه ,
عادت تضحك وتقول : الفكرة جميلة وكلامك منطقي جدا ولكنه صعب التنفيذ ,
قلت : ما دمت اقتنعت فالمسألة لا تحتاج إلا إلى بعض التدرب ,
وأنا متأكدة بأن النتائج الأولية ستكون مشجعة , قالت : سأحاول , قلت بل قولي سأفعل ,
قالت وما الفرق ؟
قلت : سأحاول هذه تشي بتراجع سريع عند أول عقبة ,
تجعلك تبدئين العمل مع توقع الإخفاق ربما أكثر من توقع النجاح ,
لكنك إذا عزمت فتوكلي على الله و اعتبري عملك هذا قربى منه وسيكون خير عون لك فيما عزمت عليه .